في الثاني عشر من شهر ربيع الأولتمر ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد كان مولده يوماً تاريخياً من أيام الله التى منً بها على البشرية بالرحمة المهداة محمد صلى الله عليه وسلم ومبعثه فجرًا بدد الله به الظلمات، وهدى الله به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وأرشد به من الغواية، لقد كان العرب يعيشون قبل مولده صلى الله عليه وسلم وبعثته جاهلية جهلاء في مدلهمة ظلماء مظلمة، كانوا يعبدون الأصنام، ويستقسمون بالأزلام، جهل وكفر، عربدةٌ وسكر، ظلوا على هذه الحال إلى أن أذن الله سبحانه بخروج النبي صلى الله عليه وسلم فغير الله بالنبي الحال وعمت بركاته العرب وغيرهم. والإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم عادة المسلمين يفرحون بمولده ويشكرون الله بأنواع من العبادات والقربات إلى الله تعالى شكراً على نعمة بروز النبي صلى الله عليه وسلم. وفي مولد النبي صلى الله عليه وسلم انقسم الناس إلى طرفي نقيض، طائفة أخذت بالكتاب والسنة واستدلت بالأحاديث الواردة عنه عليه الصلاة والسلام مما يدل على جواز ذلك وأنه من البدع الحسنة الممدوحة التى وافق عليها علماء المسلمين على مختلف أزمانهم ومذاهبهم، وأما الطائفة الأخرى وهي التي علا صوتها بالإحتفال والفرح بالملوك والأوطان بل بمولد مشايخها!! وحرمت ومنعت وعنفت على من يحتفل بمولد خير الخلق مدعية أن هذا من البدع وذلك بغير دليل ولابرهان ولاحجة. ولأجل ذلك أسرد للقارىء أدلة أهل السنة في جواز الإحتفال بالمولد النبوي الشريف:
الإحتفال بمولد رسول الله هو من البدع الحسنة، وأول من أحدثه ملك إربل وكان عالماً تقياً شجاعاً يقال له المظفر، وذلك في أوائل القرن السابع للهجرة. جمع لهذا كثيراً من العلماء فيهم من أهل الحديث والصوفية الصادقين فاستحسن ذلك العمل العلماء في مشارق الأرض ومغاربها. حتى إن الحافظ ابن دحية قدم من المغرب فدخل الشام والعراق واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها يعتني بالمولد فعمل له كتاب (التنوير في مولد البشير النذير). وتوالى الحفاظ على التأليف في قصة المولد فألف شيخ الحفاظ العراقي كتاباً في المولد سماه (المورد الهني في مولد النبي) . فالعلماء والفقهاء والمحدثون والصوفية الصادقون كالحافظ العسقلاني والحافظ السخاوي والحافظ السيوطي وغيرهم كثير، حتى علماء الأزهر كمفتي الديار المصرية الشيخ محمد بخيت المطيعي، حتى علماء لبنان كمفتي بيروت السابق الشيخ مصطفى نجا رحمه الله استحسنوا هذا الأمر واعتبروه من البدع الحسنة فلا وجه لإنكاره بل هو جدير بأن يسمى سنة حسنة لأنه من جملة ما شمله قول رسول الله [من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص من أجورهم شيء] رواه مسلم . هذا وقد استخرج الحافظ العسقلاني لعمل المولد أصلاً من السنة النبوية المطهرة واستخرج الحافظ السيوطي أصلاً ثانياً. ولا يجوز أن يقال: كل شيء لم يفعله رسول الله سواء وافق شرعه أم خالفه فهو مردود، لا، بل لا بد من التفصيل لذا قال الإمام المجتهد مجدد القرن الثاني الهجري محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه [المحدثات من الأمور ضربان: احدهما ما أحدث مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو اجماعاً فهذه البدعة الضلالة، والثانية ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا وهذه محدثة غير مذمومة]. معناه: إن هناك أموراً أحدثت توافق الكتاب أوالسنة أو الأثر أو الإجماع فهي بدعة حسنة، كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن جمع الناس على صلاة التراويح على إمام واحد [نعمة البدعة هذه]. رواه البخاري. فمن البدع الحسنة:تنقيط المصاحف وكان الصحابة الذين كتبوا الوحي الذي أملاه عليهم الرسول يكتبون الباء والتاء ونحوهما بلا نقط، حتى عثمان رضي الله عنه لما كتب ستة مصاحف وأرسلها إلى الآفاق واحتفظ لنفسه بنسخة كانت غير منقوطة. إنما أول من نقط المصاحف رجل من التابعين من أهل العلم والفضل والتقوى يقال له يحي بن يعمر وهو أول من وضع حركات الإعراب. وأما أول من فعل الهمزة والشدة في المصحف هو الإمام الحسن البصري التابعي الجليل ومع ذلك العلماء ما أنكروا ذلك بل اعتبروا ذلك بدعة حسنة. فهل يقال هذا لم يكن في عهد رسول الله تعالوا اكشطوا ذلك من المصاحف اليوم؟
ومن البدع السيئة: التي تخالف ما جاء به رسول الله ما هو موجود في الكتاب المدسوس المسمى (مولد العروس) من قولهم: إن الله تعالى قبض قبضة من نور وجهه فقال لها كوني محمداً فكانت محمداً. ومن البدع السيئة أيضاً ما درج عليه بعض المؤذنين من قولهم إن محمداً أول المخلوقات. فهذا يخالف الكتاب والسنة لأن أول المخلوقات الماء وأما سيدنا محمد فهو أفضل المخلوقات.