ورد في السيرة لابن حبّان وغيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك يوم أُحُد أُبَيَّ بنَ خلَف المشرك وهو يقول: يا محمد، لا نَجَوْتُ إن نجوتَ، فقال القوم: يا رسول الله، أيعطف ( يرجع عليه بما يكره) عليه رجل منا؟ فقال صلى الله عليه وسلم:"دعوه" فلما دنا أُبيّ تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، ثم انتفض بها انتفاضة، ثم استقبله وطعنه بها، بعد أن رأى ترقوة ( عظم وصلٍ بين النحر والعاتق من الجانبين) أُبيّ من فرجة بين سابغة الدرع ( الدرع الواسعة) والبَيْضَة ( الخُوذَة)، فمال عن فرسه، وسقط، ولم يخرج من طعنته الدم، وكسر ضلعًا من أضلاعه.
وقد كان أُبيّ بن خلف يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فيقول: إنّ عندي العَوْد ( الجمل الكبير المُسنّ المدرّب) أعلفه كل يوم فرقًا من ذرة أقتلك عليه، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"بل أنا أقتلك إن شاء الله " فرجع أبيّ بن خلف إلى المشركين وقد خدشته حربة رسول الله صلى الله عليه وسلم خدشًا غير كبير، فقال وهو يخور خوار الثور: قتلني – والله – محمد! فقالوا: ذهب- والله- فؤادك، واللهِ ما بك من بأس، فقال: إنه ( أي رسول الله) قد كان يقولَ بمكة: إني أقتلك والله، ولو بَصَقَ عليَّ لقتلني، ثم قال أُبيّ: والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز (محلّة) لماتوا أجمعون، فمات وهم قافلون إلى مكة. فأنزل الله تعالى {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ المُؤْمِنينَ مِنْهُ بَلَآءً حَسَنًا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عليمٌ} [ الأنفال/ 17]. وكان أُبيّ بن خلف الكافر الوحيد الذي قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أُحُد، وما سُمع أنه صلى الله عليه وسلم قتل أحدًا بعده.